اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 71
والاتصاف بمقتضيات الحيوة الحقيقية فَاذْكُرُوا اللَّهَ الهادي لكم الى هذه المرتبة كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ بلا تردد وتشكيك أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً بل ذكر الله أشد وضوحا من ذكر الآباء إذ قد يجرى فيه التشكيك بخلاف ذكر الله المتفرع على الشهود المستتبع للفناء فيه فانه خال عن وصمة الريب مطلقا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يحصر التوجه والرجوع الى الله والمناجاة معه في فوائد النشأة الاولى فقط لذلك يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا ما نحن محتاجين اليه من امور معاشنا وَهو وان وصل الى مبتغاه في الدنيا ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ حظ ونصيب لصرفه استعداده الى ما لا يعنيه حقيقة بل يضره ويغويه
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ جامعا بين الظاهر والباطن والاولى والاخرى رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ترضى بها عنا وتقبلها منا وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً توصلنا الى توحيدك وَقِنا بلطفك عَذابَ النَّارِ اى نار الإمكان المحوج الى الذات الوهمية المنتجة لانواع الخيبة والخذلان
وبالجملة أُولئِكَ المؤمنون الموحدون الجامعون بين رتبتي الظاهر والباطن لَهُمْ نَصِيبٌ حظ كامل ونصيب شامل مِمَّا كَسَبُوا في الدنيا التي هي مزرعة الآخرة من المعارف اللدنية والكشوف الإلهية وَاللَّهُ المحيط بهم وبضمائرهم سَرِيعُ الْحِسابِ يحاسبهم ويجازيهم على ما كسبوا
وَاذْكُرُوا اللَّهَ بعد تتميمكم مناسككم وآداب وقوفكم بعرفة فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ هي ايام التشريق فَمَنْ تَعَجَّلَ اى استعجل للرجوع والنفر فِي يَوْمَيْنِ اى في ثانى ايام التشريق فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ باستعجاله وَمَنْ تَأَخَّرَ ايضا فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ بتأخيره يعنى أنتم مخيرون في استعجال النفر وتأخيره بعد ما وصلتم الى ما وصلتم واعلموا ان العاقبة الحميدة لِمَنِ اتَّقى عن محارم الله والتجأ نحوه من غوائل نفسه وتسويلاتها وَبالجملة اتَّقُوا اللَّهَ في جميع ما صدر ويصدر عنكم واستحفظوا منه وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ بأجمعكم إِلَيْهِ لا الى غيره من العكوس والاظلال تُحْشَرُونَ وترجعون رجوع الظل الى ذي الظل ومن جملة الآداب الموضوعة فيكم بوضع الله المدبر لأموركم المهذب لأخلاقكم الاجتناب عن الجلساء السوء
لذلك خاطب سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلّم امتنانا عليه وإرشادا لكم ايها المؤمنون فقال وَمِنَ النَّاسِ المجبولين على البغض والنفاق المستمرين عليه دائما بلا تصفية ووفاق مَنْ يُعْجِبُكَ ويوقعك في التعجب المحير العارض لنفسك يا أكمل الرسل بلا علمك بموجبه وسببه قوله فِي الْحَياةِ الدُّنْيا اى مقوله المتعلق بأمور الدنيا واسباب المعاش وذلك ان من نظم امور الدنيا وترتيبها ولم يتوسل بها الى الآخرة ولذاتها كما هو المشهور بين اهل الدنيا يسمونه عقل المعاش وَمع اغرائه وتغريره إياك بقوله يُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ من حب الدنيا ويدعى موافقة كلام الله وحكمة المودعة فيه على ما يدعيه تأكيدا ومبالغة لا تغفل عنه يا أكمل الرسل ولا تغتر بقوله واغرائه وَاعلم انه هُوَ في نفسه أَلَدُّ الْخِصامِ وأشد العداوة والجدال معك ومع من تبعك من المؤمنين فعليك ان لا تغتر بعذوبة لسانه وحلاوة بيانه. قيل نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي وكان من بلغائهم وفصحائهم له الوجاهة والطلاقة وحسن المحاورة والمصاحبة يتردد الى النبي صلّى الله عليه وسلّم ويصاحب معه نفاقا ويظهر المحبة والإخلاص مراء ويدعى الايمان له والانقياد بدينه استهزاء
وَإِذا تَوَلَّى انصرف وأدبر من عنده صلّى الله عليه وسلّم سَعى فِي الْأَرْضِ الموضوعة للإصلاح فيها والصلاح لِيُفْسِدَ فِيها بأنواع الفسادات وَمن جملة ذلك يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ بالظلم والفسوق والعصيان المتجاوز عن الحد وانواع الطغيان والعدوان مثل الزنا وقطع الطريق والخروج على الولاة القائمين
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 71